اكتئاب ما بعد الولادة/ لماذا تُعاني الأمهات بعد الولادة؟

تُعد الأمومة بالإجماع من أعظم نعم الله، «الأمومة أعظم هبة خص الله بها النساء.»، وبالإجماع هي من أصعب مهام الحياة؛ لأنه غالبًا ما يصاحب مرحلة الحمل والولادة الكثير من المشاكل الصحية على الصعيد الجسدي والنفسي، ويُعد اكتئاب ما بعد الولادة أحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً بين الأمهات الجدد.



أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

  • الخوف المبالغ فيه على المولود مما يؤدي للمبالغة في حمايته.
  • القلق الشديد. 
  • اضطرابات النوم. 
  • فقدان الشهية.
  • التقلبات المزاجية.
  • كثرة البكاء. 
  • وجود صعوبة في تقبل الطفل، والارتباط به عاطفيًا. 
  • الميل للعزلة.
  • أفكار انتحارية. 
  • قد يصاحبه ذهان ما بعد الولادة بنسبة 0.2%.


تصاب 85% من النساء ”بكآبة النفاس Baby blues“ والذي تكون أعراضه أقل حدة من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة وعادةً تزول خلال أسبوعين ولكن في حالة استمرارية الأعراض تدخل الأم في مرحلة الاكتئاب وتصل النسبة لأكثر من 20% من الأمهات، وقد يتحول لاكتئاب مزمن. 


الأسباب المؤدية للإصابة

لا يوجد سبب محدد ومباشر للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، ولكنه يحدث نتيجة لمزيج من عدة عوامل منها:


  • الانخفاض الحاد في مستوى هرمونات الأنوثة(الاستروجين، البروجيسترون) وانخفاض مستوى هرمونات الغدة الدرقية في الدم.
  • مشاكل عاطفية وعدم استقرار الحياة الزوجية، وحالات موت الجنين أو المولود.
  • عوامل اجتماعية واقتصادية مثل انخفاض مستوى التعليم للمرأة، اضطرابات علاقتها مع المقربين، انخفاض مستوى دخل الأسرة، تزيد احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة 11 ضعف في الأسر التي تعاني ماديا واجتماعيًا.
  • التاريخ المرضي للأم؛ الأم التي سبق لها الإصابة بالأمراض النفسية أو وجود تاريخ مرضي في عائلتها أكثر عرضة للإصابة باضطرابات ما بعد الولادة.


كيفية تشخيص الحالات

تختلف الفترات الزمنية للإصابة بالاكتئاب فقد تبدأ من مرحلة الحمل، أو في اية وقت خلال السنة الأولي للطفل، وقد اختلفت تفسيرات الأطباء والفلاسفة  لحالات الحزن التي تصيب الأمهات بعد الولادة.

ولم تعتبر مرض مُعترف به ومُشخص إلا عام 1994 ميلاديًا، وذلك في الدليل الإحصائي والتشخيصي للأمراض النفسية_ الإصدار الرابع، ويتم التشخيص من خلال:

  1. الفحص السريري والتحاور مع الطبيب المعالج والشرح الدقيق للأعراض والتاريخ المرضي. 
  2. فحوصات الدم لمعرفة مستويات الهرمونات في الدم. 

الطرق المختلفة للعلاج

تختلف مدة وطريقة العلاج حسب الحالة:

  1. علاج نفسي يتضمن تلقي الدعم المناسب من الطبيب والأفراد المحيطين بالأم.
  2. علاج دوائي من خلال مضادات الاكتئاب التي لا تؤثر على الرضيع. 
  3. العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)، وذلك في الحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي فقط. 


ويجب الإشارة إلى التالي:

لا تقتصر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة على الأمهات البيولوجية: فقد يُصاب به الأب البيولوجي والأمهات والآباء بالتبني؛ نتيجة لزيادة المسئولية وتغير نمط الحياة، أو تأثرًا بإصابة الزوجة به ويمرون بنفس الأعراض تقريبًا.

بالإضافة إلى أنه يسبب خلل واضح في سلوك الطفل ونموه، قد يصل لحد التأخر في النطق في حالات استمرار معاناة الأم لفترة زمنية طويلة.

تصبح الأم أكثر عرضة للإصابة بنوبات اكتئاب على مدى حياتها، ولا يقتصر الأمر على إنجاب الطفل الأول.

لا علاقة بين شخصية المرأة، ومدى أمومتها، وتحملها المسئولية وإصابتها باكتئاب ما بعد الولادة.


ختامًا؛ يمكن تقليل معاناة الأم من خلال نشر الوعي حول أهمية الاعتناء بالصحة النفسية للمرأة من بداية مرحلة الحمل وبعد الولادة، وتهيئة الأم نفسيًا قبل الولادة لتقبل مسئوليات المولود، وتلقى يد العون من المقربين الأكثر خبرة منها في التعامل مع الأطفال أو اللجوء للاستشارات المتخصصة، وفي النهاية «أسعد ساعات المرأة، هي الساعة التي تتحقق فيها أنوثتها الخالدة، وامومتها المشتهاة، وتلك ساعة الولادة.».


كتبته: سهام عيسى إسماعيل.


تعليقات