قصة: الوادي المخيف في عقلي - شروق نورالدين خليل.

 





إهداء

إلى من تاه في ذلك الوادي المخيف، وصار محاطًا بوحوش الخوف والذعر المجهولة، ولم يجد بعد طريق الخروج.









مقدمة

 هل عشت تجربة الخوف من شيء غير منطقي؟ أو القلق من المستقبل المجهول، أو الحزن بلا سبب واضح.

في ذلك الوادي المخيف في عقولنا، تحيط بنا وحوش أفكارنا المشوهة، تنتهز الفرصة لتفتك بنا وتمزقنا دون رحمة.

ومع أنك تبدو مشوشًا ومجهدًا، لا أحد يصدقك..

الجميع يقللون مما تشعر به بمبررات لم تتعلم الرد عليها بعد.


ربما عليك أن تطلع أكثر، وترسم خارطة طريقك دون إخطار من لا يهتم بصدق!


بإخلاص: شروق نورالدين خليل.





(الوادي المخيف في عقلي)


-لا تلق له بالًا.. إنه أحمق لا يدري عمَّ يتحدث.

-لماذا تتصرف كالمختلين عقليًا؟

-ألا تقصد التصرف هكذا لتلفت الانتباه؟ أنت مثير للشفقة.

-أنت مزعج وكثير الشكوى، كم أتمنى أن تتصرف على طبيعتك ولو مرة!


—-------------------------------------------------------------------------

"واثق"

اسمي واثق عبد المجيد، في العشرين من عمري، أدرس في كلية الزراعة.. هذا ما يعرفه عني الأقربون.

جدير بالذكر أنني لست الشخص المناسب لتتعرف عليه.. 

أكتب فقط في تلك الورقة البالية لأن أفكاري مزدحمة لدرجة مزعجة بحق!

ربما تجد تلك الورقة لو دخلت غرفتي بعد أن انتهى وجودي، ربما أموت قبل التخلص منها..

ليس عليك الاهتمام بما سأكتب.. لا أدري ما المغزى من تلك الحروف سوى أنني أستهلك بعض الحبر لأنام صافي الذهن.. ولكنها محاولة فاشلة على الأرجح.. 

أخشى أنني لن أستطيع النوم، وسوف تفوتني محاضرة الغد، أو سأنام خلالها وقد أتعرض للتوبيخ.

سمعت أن لكل شخص نصيب من اسمه، أين نصيبي؟

لم أكن واثقًا من نفسي قط.

هل أنا أبالغ؟

تلك ليست مبالغة، أنا حقًا لا يعجبني حالي وأود الموت الآن..

لا.. لن أنتحر فهذا حرام.. لا زالت لدي الفرصة لأحاول..

ماذا لو مت الآن، لا .. أرجوك يا رب لا تتوفني إلا وأنت راض عني.. أنا خائف.

أريد أمي.. لماذا هي قاسية معي هكذا؟

لا.. إنها تحبني ولكنها مضغوطة بحق.. أنا سيء تجاهها، أنا فقط أريد منها الاحتواء والحنان.(تترقرق الدموع في عينيه).

ماذا لو ماتوا؟ كيف أعيش بدونهم؟

هذا مخيف.. أريد النوم(يبكي).

—-----------------------------------------------------------------------

في الصباح:

الأم: استيقظ يا واثق، ستفوتك المحاضرة وأنت حتى لم تتناول فطورك بعد.

- سأنهض.

الأم: حضرت لك فطورًا ومشروبًا، لا تنسه.

- حسنًا، شكرًا، سأذهب الآن.


لا أدري لماذا أتحدث معها هكذا ولكنني لست بخير، أشعر بخمول غير منطقي، الأهم الآن أن أركز في تلك المحاضرة المزعجة، عليّ ألّا أنام هناك، سأطلب قهوة.

—-----------------------------------------------------------------------

بعد المحاضرة:

- مراد ابتعد عني الآن من فضلك..

= لماذا لم ترد عليه يا واثق؟ 

- لا أريد أن يطول النقاش، هو لم يقتنع بإجابتي التي طلبها، لا أهتم بإقناعه على كل حال.

= ولكن سخر منك، وأضحك زملائه، لقد تمادى يا واثق!

- هل ترى أن علي أن أضربه مثلاً؟ دعك منه فهو مجرد أحمق عالي الصوت بعقل نعامة.

= حسنًا..(يضحك)، ولكن لا تتوقع مني أن أظل صامتًا في المرة القادمة.

- لن تكون هناك مرة قادمة، فقد سجلت الحوار الذي دار بيننا، وما علي إلا أن أتخذ التسجيل كدليل إدانته أمام نفس الدفعة التي يحاول طلب إجابة مني بغرض السخرية من تعابيري أمامها.

= ذكي!

- ربما..

—---------------------------------------------------------------------------

أكرههم، لطالما حاولت الابتعاد عن النقاشات الحادة حين ينخفض تركيزي، ولكنهم لم يهتموا البتة أنني أحاول ألا أكون طرفًا في نزاع، تلك النزاعات تؤلم جسدي، يبدأ جسدي بالتشنج المستمر الذي يشبه خفق البيض، وأشعر بالدوار الشديد والمخاوف والأفكار الانتحارية..

لا أجرؤ على الانتحار وأرفض الفكرة، ولكنني أعاني من مجرد التفكير فيها لأنني أيضًا أخاف الموت.

حاولت مرة أن أحادث صديقي بهذا، فبدأ يذكرني أن ذلك حرام وأنني سأموت كافرًا، وأن عليّ أن أتحمل، وأكن أكون صامدًا فأنا رجل..

صديقي الأحمق.. لا أدري إن كان يريد لي أن أهدأ أم أنه يقصد أن تزيد حالة التشنج سوءًا.

أفكاري تزداد ازدحامًا وأشعر بالغثيان والرغبة في البكاء، أنا أريد الموت.

لا، لا أريده.

أريد أن أكون بخير. 

لماذا يحدث هذا لي؟

لا أحد يحبني.

أبكي بكاءًا يشوبه الاختناق، لا أريد أن يراني أحدهم هكذا، لا يستحقون أن أفصح لهم عن أي شيء لذا لا أريد منهم دعمًا، لن أسعى وراء دعم قد يبخلون به، أو يعتقدون أنني أريد منهم الشفقة.


أشعر بالإنهاك، تشنج جسدي ربع ساعة كاملة، عظامي تؤلمني ورأسي يكاد ينفجر من الصداع.

سأحاول النوم.. هل سأتمكن من حضور محاضرة الغد؟

لا أدري ولا أهتم.. لا شيء في هذا العالم البائس يستحق الاهتمام، وصحتي النفسية والجسدية ليست على ما يرام.. فليذهبوا جميعًا إلى حيث لا أدري فحسب.

-----------------------------------------


إنه الصباح.. بعد ليل مليء بالأرق والكوابيس كلما أخذتني سِنة من نوم، وكلما أحاول الحصول على صفاء في ذهني تأتيني فكرة مزعجة بشأن المستقبل.

ربما أموت الآن.. فأنطق الشهادتين وأردد الأذكار، ثم تأتيني فكرة أن أحدًا من أهلى سيموت، أو أن صديقي يكرهني، فأرفض تلك الفكرة وتتشنج أطرافي.

هذا ليس طبيعيًا البتة، أشعر بآلام مبرحة في صدري وكأنها أزمة قلبية، ولكن حين استشرت طبيبًا أخبرني أنني لا أعاني من مشكلة في القلب!

وزني ينقص رغم أنني آكل جيدًا، ربما أعاني من الاكتئاب..

بحثت على الانترنت عن أعراض الاكتئاب، وجدت أنني أعاني من بعضها، ولكن لا أعاني من البعض الآخر، ووجدت كل مقال يخبرني بأعراض تختلف عما ذكر في المقال الآخر، فقررت أن أبحث في مواقع متخصصة في الطب والمجال النفسي.

أنا أعاني بعض الأعراض الاكتئابية فعلًا.

هل علي أن آخذ مضاد اكتئاب؟

ولكنني أخشى تناول الأدوية أصلًا.

ربما علي أن أتأكد من طبيب نفسي، سأسأل مراد.


(يتصل به هاتفيًا)..


مراد: ما بك يا واثق؟ الساعة الآن السابعة صباحًا، ما زال وقت المحاضرة بعيدًا.

واثق: آسف إن كنت أيقظتك، اتصل بي حين تفيق..

= لا تهتم فقد استيقظت بالفعل.. ما بك؟

- كنت أبحث بشأن اضطراب الاكتئاب، ووجدت أن عندي بعض الأعراض، ماذا لو أخذت مضاد اكتئاب؟

= هل تريد حقًا أخذ أدوية تؤثر على وظائف دماغك وقد تدمنها لأنك حزين؟ حسبت أنك أكثر عقلًا!

- فكرت أيضًا في استشارة طبيب نفسي.

= نفس النهاية يا واثق، دواء قد يؤدي بك للإدمان، ومحاولة منه لاستنزاف أموالك، لأنك حزين فحسب..

- ربما.. 

= نصيحة مني لا تستنزف مالك.. زد من عباداتك وتقرب إلى الله فربما الحزن بسبب البعد والغفلة يا واثق.

- ربما.. شكرًا لك.

= عفوًا يا صديقي.


(أغلق الخط)..

—---------------------------------------------------------------------------


ربما هو على حق.. 

تناولت فطوري وشربت قهوتي ونزلت للمحاضرة، وفي ذهني العديد من الأفكار المخيفة، ربما تصدمني سيارة، ربما علي أن أقف أمامها فقد كرهت نفسي، لن أفعل فأنا لا أريد الموت كافرًا..

كما أنني لم أفقد الأمل لتلك الدرجة.

أحيانًا أكون بخير..

وأريد أن أكون أفضل، مراد لم يقتنع بمدى الألم الذي أشعر به، كما أنني أحاول قدر استطاعتي أن أتقرب إلى الله!

ولكن أفكار سوداوية تأتيني مهما صليت ومهما قرأت الأذكار.

لماذا تأتيني الأفكار رغم ذلك؟

أثناء المحاضرة شعرت بملل وتشنج خفيف في أطرافي، أشعر أن الناس تراقبني ويفكرون أنني أحمق أو غير مهندم، أو يتذكرون سخرية هذا الفتى المزعج مني ويضحكون بين أنفسهم.

ربما ينظر أحدهم لي بينما لا أنتبه له، وينظر لصديقه ويضحكان في خبث.

تبًا! لم أسمع معلومة كاملة من الدكتور.. 

لا أسمع سوى ضجيج أفكاري..

انتهت المحاضرة المملة، وتزايد قلقي، الجميع يتحرك والأصوات المزعجة تعلو، همهمات تشعرني بالدوار.

كالعادة.. لن أخرج حتى يخرج الجميع، ربما أتعثر أو تكون ملابسي غير منظمة، علي أن أخرج من القاعة في هدوء.

أفكر بجدية في زيارة طبيب نفسي، ولن آخذ رأي مراد..

—--------------------------------------------------------------------------

بحثت عن مقال أو منشور لأي طبيب أو معالج يمكنني أن أفهم منه أي شيء، أي خطوة لأبدأ بها، بعد أن بحثت كثيرًا وعلمت أن هناك العديد من المسميات الوظيفية مثل: معالج نفسي، وطبيب نفسي، ومرشد نفسي، ولايف كوتش، ومعالج بالطاقة الروحانية.


جذب انتباهي ذلك الأخير فاتجهت للبحث عن كيف يعالجون بالطاقة الروحانية؟ 


يوجه المعالج طاقة الشاكرا للمريض حتى يسترخي، أو ينام في نهاية الجلسة، ويخرج الطاقة السلبية من جسد المريض ويعالج القلق والاكتئاب..


ولكن كيف؟ 

بالطاقة.


كيف بالطاقة؟

لا تتوقع المعجزات لأنه علاج تكميلي تدفع فيه دم قلبك..


ولكن أنا لا أفهم كيف يكمل العلاج أصلاً، فبحثت أكثر..

لأجد أنه طريقة بوذية تسمى الريكي، يمارسون بها شعائرهم الروحانية، ثم طورها الياباني البوذي (ميكاو أوسوي) في عام 1922، واستخدمها كطريقة للشفاء..


الشفاء من ماذا بالضبط؟

من الأمراض، إنه طب بديل وهكذا..

هذا بدا لي كطريقة للاسترخاء، غير أنها شعائر ديانة أخرى! 

كما أنني لا أستوعب كيف أن حجرًا قد يشفي، ماذا لو كسرت الحجر هل ستحل اللعنة؟

أنا الآن لا أشعر بالاكتئاب بل بالغرابة، ربما علي أن أتفق مع فكرتي الحالية لتجنب أي من هؤلاء في رحلة علاجي التي أحاول أن أبدأها..


الآن علي أن أبحث عن المسميات الخمسة الأخرى.

عرفت أن الطبيب النفسي هو دارس الطب الذي يمكنه التشخيص بناءًا على الأعراض البيولوجية والنفسية، وهو الذي يمكنه وصف الأدوية للمريض، فيتحكم في الأعراض ويسيطر على المشكلة البيولوجية التي سببت الاضطراب النفسي أو العقلي.


أما المعالج النفسي فلا يصف الأدوية، ولكن له الدور الذي يتمكن فيه المريض من تعديل أفكاره وسلوكه، الذي سبب له المشكلة من البداية، يمكنه من حل مشكلاته الاجتماعية والتوافق مع ما يمكن التأقلم معه، ويعلمه كيف تحدث التشوهات المعرفية، وإن جائته الحالة بحاجة إلى التحكم في مشكلة أصلها بيولوجي مثل الخلل الهرموني فإن عليه أن يحيل الحالة إلى الطبيب النفسي لوصف دوائه المناسب، وبالتالي متابعة الجلسات حسب الخطة العلاجية.


وجدت أنهما مهمين ولا أهمية لأحدهما عن الآخر، فبدون الطبيب النفسي كيف سيأخذ المريض دوائه المناسب؟

وبدون المعالج كيف سيحل التشوه في تفكيره ويصلح مشكلاته؟


أما الأخصائي النفسي يمكنه استخدام المقاييس النفسية، والفحص النفسي، ولكن لا يمكنه القيام بالتدخلات العلاجية مثل العلاج النفسي وتنمية المهارات وإعادة التأهيل، ولكن بالتدرب والحصول على دورات معينة يمكنه أن يحصل على مسمى المعالج النفسي.

أما اللايف كوتش، فهو المتحدث التحفيزي، والذي يختلف عن المرشد النفسي، لأن المرشد النفسي يقدم المشورة الفعالة التي يحتاجها شخص يعاني من مشكلة لا يعرف كيف يحلها،وليس اضطرابًا نفسياً، هو ليس معالجًا، وليس تحفيزيًا، بل يجعل المستشير يحل مشكلته ويضع يده على مشكلاته في التفكير.

أما اللايف كوتش فهو يساعدك في تطوير نفسك، والتعامل بفاعلية أكبر في بيئتك وتجاه مشاكلك، ولكن إن كنت تستمع لنصائح لايف كوتش يحفزك فقط دون أن تعرف ما الخطوات المطلوبة لتتبعها، تحفزك فقط ولكن لا تتحرك ولا تتطور، ولا تعرف ما عليك فعله أساسًا، فقط عليك أن تكافح وتعمل بجد لتصعد الجبال رغم علوها، لتكسب المال وتعيش سعيدًا ولا تفشل، أن تتحلى دومًا بعزيمة صادقة، ولكن دون خطة، فاعلم أنه ليس Life coach حقيقيًا.


قرأت أيضاً عن الاضطرابات النفسية، وأعراض القلق والفوبيا والوسواس القهري، والأمراض العقلية، هذه الاضطرابات لا يكون أثرها نفسياً فحسب، بل قد يصبح المرض العضوي من أعراض الاضطرابات النفسية أو العقلية!


ربما ذلك الألم المبرح في صدري من الأعراض النفسية وليس نوبة قلبية..

هل مراد يعرف هذه المعلومات؟ 

ربما لو عرفها سيغير رأيه بشأن الاكتئاب، هل أخبره؟

سأتصل به..


مراد: السلام عليكم.

واثق: عليكم السلام ورحمة الله، كيف حالك يا مراد؟

= الحمد لله.. عدت من الملعب للتو، فاز الفريق المنافس ولكن كان وقتًا ممتعًا على كل حال.

- جيد أنك استمتعت بوقتك، عندي لك خبر.

= ما هو؟

- بحثت بشأن الاضطرابات النفسية وطرق العلاج وعرفت معلومات ربما تثير اهتمامك، هل أرسلها لك؟

= واثق لماذا تصر أن تعامل نفسك كمريض؟ لماذا فقط تجعل لنفسك المبررات لتبدو ضعيفًا أمام نفسك؟

- لو قرأت نتائج بحثي قد تغير رأيك، العلاج النفسي موجود بالفعل والاضطرابات ليست مجرد حزن، الاكتئاب نفسه ليس حزنًا عاديًا.

= أنا عند رأيي يا واثق، لم أعهدك هكذا، بدل أن تشتكي لإنسان مثلك لم لا تدعو الله أن يذهب همومك؟

- أنهِ الموضوع، سأغلق الخط..

—-----------------------------------------------------------------------

لماذا يصر على أنني بعيد عن ربي؟ حقًا أحاول التقرب إلى الله بكل طريقة أقدر عليها، أصبح لي ورد يومي وأصلي الفروض في وقتها، وأقرأ الأذكار، ولكنني مازلت أعاني من الأفكار المخيفة والعصبية المفرطة والتشنج والتوتر..

ما علاقة آلامي التي أشعر بها حين أتوتر بالبعد عن ربي؟ 

عندما بحثت فهمت أن تلك الآلام قد يكون سببها الأصلي نفسيًا.

ها قد بدأ التوتر والتشنج والغثيان، أود البكاء..

أنا لن أخبره بشيء مرة أخرى، لن يفهمني أحد..

سأدخر لأستشير متخصصًا، ربما علي أن أزور معالجًا نفسيًا، وإن احتجت إلى دواء ما سيخبرني إلى أي طبيب أذهب.

ولكن إلى من علي أن أذهب؟


هنا تذكرت صديقي الذي يدرس علم النفس، ربما يعرف معالجًا جيدًا، فبحثت عن رقمه واتصلت به، وأخبرته عما بحثت عنه، وقد وافقني أن المعلومات التي وجدتها سليمة.

وهنا سألته إن كان يعرف معالجًا جيدًا بالقرب من منطقتي.

الحمد لله! 

الآن صار معي رقم عيادة معالج نفسي قريب، كما أنني يمكنني ادخار سعر الجلسات من راتب عملي بدوام جزئي.


وهكذا شكرت صديقي وأنهيت المكالمة معه.

واتصلت بالعيادة وحجزت موعدًا.

—--------------------------------------------------------------------------

ربما لم أتوقع أبدًا أن مشكلة تفكيري بهذا العمق، بعد عدة جلسات من تشخيصي باضطراب القلق المزمن، وبعد أن عرفت أن التشنج والغثيان والخوف الذي لا سبب واضح له والبكاء وذلك الخدر في أطرافي لدقائق تصل لربع ساعة إنما كانت نوبات هلع.

استطعت التعرف على أنماط تفكيري الخاطئة التي يسميها معالجي أيضًا: "التشوهات المعرفية"، وصار بإمكاني التحكم فيها، في البداية احتجت إلى زيارة طبيب نفسي رشحه لي معالجي، وكتب لي دواءًا يناسب حالتي حتى أتمكن من النوم دون أرق، وكان لمدة محددة بالتزامن مع حضور الجلسات مع معالجي النفسي، حتى استطعت النوم دون دواء ودون أرق.

لم أعد أخاف من الناس، ولا من نظراتهم، فقد تحكمت في نمط تفكيري الذي يجعلني أظن أن الناس يستهدفونني بكلامهم وتفكيرهم بالسوء دون أي دليل واضح.

علمت أنني لست أحمق، ولست مختلًا، وأنني شخص ذكي ومثقف.

قابلت زميلي الذي سخر مني من قبل أمام الدفعة، وقد ابتسم وحاول السخرية مني مجددًا، لم أشعر بالحرج بل استطعت أن أرد عليه بهدوء استفزه، ودون أن أقلل من نفسي بلفظ واحد، فانقلب السحر على الساحر وصار أضحوكة جمهوره.

انتهى برنامجي العلاجي بعد عدة أشهر، وانتهى معه قلقي.. 

استطعت إيجاد المخرج من ذلك الوادي المخيف في عقلي، فقد حصلت على نصيبي من اسمي "واثق".






جمعت كل تلك الأوراق التي كنت أكتب فيها أفكاري واحتفظت بها، فقد صرت أقارن أفكاري بالرجوع إليها كل فترة، حقًا صرت شخصًا أفضل.

ربما عليك أن تهتم لما أكتبه فعلًا.. 

ربما عليك أن تكتب أوراقك، ولكن أعر نفسك الاهتمام بشكل أفضل، ربما تلك فرصتك للخروج من الوادي المخيف في عقلك!


بإخلاص: واثق عبد المجيد.


(تمت).












لمتابعة الكاتبة على فيسبوك: اضغط هنا.

لمتابعة الكاتبة على لينكد ان: اضغط هنا.


تعليقات